بيروت - لبنان

اخر الأخبار

6 كانون الثاني 2024 12:00ص المسجد الأقصى في العام 2023: سعي متصاعد للتهويد وترويج مستمر لبناء المعبد المزعوم

حجم الخط
تمادى الاحتلال في عدوانه على الأقصى في عام 2023، فكان المسجد أحد عوامل الانفجار ، نظراً إلى ارتفاع وتيرة العدوان على المسجد وتبنّي حكومة نتنياهو، التي يحكم توجهاتها تيار الصهيونية الدينية، مطالب «جماعات المعبد» وتساوقها مع تطلّعاتها إلى تعزيز الوجود اليهودي في الأقصى وتقليص الوجود الإسلامي فيه.
فعملية طوفان الأقصى التي أطلقتها المقاومة في 7/10/2023 كانت، في أحد أسبابها، ردّاً على العدوان المتصاعد على الأقصى وإصرار الاحتلال على فرض أجندته التهويدية في المسجد، وهو ما أعلنه قادة المقاومة على أثر إطلاق العملية.
وانصرم عام 2023 على استمرار الاحتلال في حصار الأقصى وتقييد وصول المصلين إليه بالتوازي مع حربه على غزة، لمنع الرباط في المسجد وليتجنّب قدر الإمكان تفجّر الوضع في القدس انطلاقاً من المسجن، وفي تعبير عن مركزية العدوان على الأقصى بالنسبة إلى «جماعات المعبد»، قال موشيه فيجلن، عضو «الكنيست» السابق وأحد قادة «جماعات المعبد»، إنّ معركة طوفان الأقصى «يجب أن تسمّى معركة المعبد، فـ [الأقصى] هو لبّ المعركة، ويجب بناء «المعبد».

اقتحامات وصلوات توراتية لفرض الوجود اليهودي في الأقصى

شارك 52,853 مستوطناً في اقتحام الأقصى في عام 2023، في مقابل 54,201 اقتحموا المسجد في عام 2022، وفق توثيق شبكة القدس البوصلة.
وأدّى مستوطنون طقوساً وصلوات توراتية بالتزامن مع الاقتحامات، ونشرت «جماعات المعبد»، في 3/8/2023، توثيقاً لأداء المستوطنين طقس «بركة الكهنة»، واستغلت «جماعات المعبد» موسم الأعياد العبرية الطويل من رأس السنة العبرية إلى أسبوع العُرش (16/9 إلى 7/10) لتصعيد وتيرة فرض مظاهر وأدوات توراتية إلى الأقصى، من اقتحام المسجد بلباس التوبة، والنفخ بالبوق، وطقس الانبطاح أو السجود الملحمي.
وشارك في الاقتحامات وزراء وأعضاء «كنيست» حاليون وسابقون، في مقدمتهم وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن جفير الذي اقتحم الأقصى غير مرة خلال عام 2023، إضافة إلى وزير النقب والجليل يتسحاق فاسرلاف، وأعضاء «الكنيست» أرئيل كيلنر، وعميت هاليفي، ودان إيلوز، وإسحاق كرويزير.

«جماعات المعبد» تضع مطالبها بين يدي الحكومة في بداية العام

مع بداية عام 2023، كشفت «جماعات المعبد» عن مطالبها في ما يتعلّق بالأقصى في عهد الحكومة الجديدة، والسياسة التي سيعتمدها إيتمار بن جفير بعد تولّيه حقيبة الأمن القومي، واندرجت المطالب تحت ثلاثة عناوين، هي: التقسيم الزماني والتقسيم المكاني، والتأسيس المعنوي للمعبد.
تضمّنت المطالب تمديد ساعات الاقتحامات، والسماح بها على مدار أيام الأسبوع، والسماح بأداء كل الصلوات والطقوس التوراتية، ورفع أيّ حظر على إدخال «الأدوات المقدسة» إلى الأقصى، وتحديد موقع لكنيس في المسجد، وإنهاء مرافقة شرطة الاحتلال للمجموعات المقتحمة، والسماح بدخول المستوطنين من الأبواب كافة، وعدم منع الاقتحامات في أي مناسبة إسلامية، وإعلان «الحقّ المتساوي» لجميع الأديان في الأقصى، علاوة على وقف إبعاد المستوطنين عن المسجد، وفتح باب كنيس المحكمة التنكزية، الخاضع حالياً لسيطرة وزارة الجيش، أمام جميع المستوطنين.
وأرسلت جماعة «العودة إلى جبل المعبد» المتطرفة رسالة إلى وزير الأمن القومي إيتمار بن جفير طالبت فيها بتسهيل ذبح «قربان الفصح» في الأقصى، وعدّت تشكيل حكومة يمينية حقيقية لأول مرة في تاريخ دولة الاحتلال «فرصة ذهبية» لتحقيق هذه الطقوس في المسجد.

اجتماعات لحكومة الاحتلال و«جماعات المعبد» في أنفاق مجاورة للأقصى

عقدت حكومة الاحتلال في 21/5/2023 جلستها الأسبوعية في أنفاق مجاورة للمسجد الأقصى للمصادقة على مجموعة من القرارات والميزانيات التهويدية لمناسبة الذكرى العبرية لاحتلال القدس. وكان من بين القرارات تخصيص 17 مليون دولار لتطوير الأنفاق وتهويد محيط المسجد الأقصى، والخطة الخمسية التالية للقدس، وتعزيز مكانة القدس كـ «عاصمة للشعب اليهودي» عبر العالم، وتشكيل لجان خاصة للتعامل مع المشاريع المتعثرة والبطيئة وتسريع وتيرة التهويد في المحيط الشمالي والجنوبي للبلدة القديمة تحديداً.
كذلك، عقدت حكومة الاحتلال التي يسيطر عليها تيار الصهيونية الدينية، اجتماعاً خاصاً مع ممثلي «جماعات المعبد» لتعزيز التنسيق والتكامل بين الجهتين، ولتوحيد الجهد لتحقيق الهدف المشترك بتهويد المسجد الأقصى وتغيير هويته.
وعقد هذا الاجتماع في الأنفاق المجاورة للمسجد الأقصى عقب الاجتماع الذي عقدته حكومة الاحتلال هناك، وحضر الاجتماع ثمانية وزراء في حكومة الاحتلال هم وزير الخارجية إيلي كوهين، ووزير الأمن القومي إيتمار بن جفير، ووزيرة النقل ميري ريغيف، ووزير الاقتصاد نير بركات، ووزير النقب والجليل يتسحاق فاسرلاف، ووزير الاتصالات شلومو كاراي، ووزير التراث الحاخام أميحاي إلياهو، ووزيرة حماية البيئة عيديت سيلمان، إضافة إلى خمسة من أعضاء «الكنيست»، هم رئيسه عمير أوحانا، والأعضاء حانوتش ميليفيتسكي وأرييل كيلنر ودان إيلوز وعميت هيلفي.

مخطّط لتقسيم الأقصى مكانياً قيد الإعداد

كشف إعلام عبري في حزيران عن خبر مفاده أنّ عضو «الكنيست» عميت هليفي يعدّ مسودة تفصيلية لتقسيم الأقصى مكانياً بين المسلمين واليهود، بحيث يخصص محيط الجامع القبلي جنوباً للمسلمين في حين تخصّص قبة الصخرة حتى الحد الشمالي للمسجد لليهود.
وتقوم مسودة هليفي على إعادة تعريف المسجد الأقصى إسلامياً بوصفه مبنى المصلى القبلي حصراً، وأن كل ما سواه غير مقدّس إسلامياً، وتعدّ تقديس المسلمين كل ما دار عليه سور المسجد «مؤامرة لحرمان اليهود من مقدسهم»، باعتبار أن «المقدس إسلامياً هو ذلك المسجد المبني في الجنوب فقط، وبقية المكان ليس مقدساً عند المسلمين» حسب ادّعاء المسودة المقترحة.
وينصّ مشروع القانون التفصيلي الذي يعدّه هليفي على التخلص من الدور الأردني في المسجد الأقصى تماماً، وإنهاء دور الأوقاف الإسلامية، ووضع خطة تدريجية لتحقيق ذلك، وإتاحة المجال لليهود لاقتحام الأقصى من كلّ الأبواب، وعدم قصر حركة اليهود على باب المغاربة.
وتنصّ المسودة كذلك على تحويل الحضور اليهودي في المسجد الأقصى إلى حضور ديني، في إشارة ضمنية لإقامة الطقوس التوراتية في المسجد، إضافة إلى تخصيص المساحة التي تبدأ من صحن الصخرة حتى أقصى شمال المسجد لليهود، وهي تشكّل حوالي 70% من مساحة الأقصى.

لوبي في «الكنيست» لتعزيز السيطرة اليهودية على الأقصى

أطلق في «الكنيست»، في 29/5/2023، «لوبي الحرية اليهودية في جبل المعبد» لتعزيز السيطرة اليهودية على الأقصى، وفرض مزيد من الحضور الديني اليهودي فيه. وأعلن عن تأسيس اللوبي ثلاثة أعضاء من حزب «الليكود» الحاكم هم نِسيم فيتوري وآرييل كيلنر ودان إيلوز، وثلاثتهم يشاركون في اقتحامات المسجد الأقصى، وكانوا شاركوا في اقتحام المسجد في 18/5 لمناسبة الذكرى العبرية لاحتلال القدس.
وحضر حفل الإطلاق مندوبون عن «جماعات المعبد»، وركّزت مداخلات الشخصيات السياسية على ضرورة «تعزيز مكانة جبل المعبد في النسيج الصهيوني»، و«تعزيز الحقوق اليهودية» التي يقصد بها عادة تعزيز الحضور الديني والطقوس التوراتية في المسجد الأقصى، و«ضرورة شكر الذين يعملون على تعزيز الزيارات اليهودية إلى جبل المعبد» في إشارة إلى تكامل الأدوار مع «جماعات المعبد» كأساس لعمل هذا اللوبي.
وكانت تلك الدورة البرلمانية الرابعة التي تشهد تأسيس لوبي عنوانه السيطرة على المسجد الأقصى وتعزيز الحضور الديني اليهودي فيه؛ حيث كان الأول في عام 2016 وترأسته في ذلك الوقت المتطرفة شولي موعالم مع الحاخام يهودا جليك، تلاه في 2019 تشكيل لوبي ثانٍ بمبادرة من أرييل كيلنر وماي جولان، تجدد في عام 2020.

الأقصى وطوفان الأقصى

كل ما تقدّم، وهو يلخّص المشهد العام للعدوان ويعرض خطوطه العريضة، استدعى ردّاً من المقاومة، إذ بيّن قادة المقاومة أنّ إطلاق عملية طوفان الأقصى كان على خلفية تصاعد العدوان على المسجد الأقصى والمرابطين والمرابطات، وعلى الأسرى في سجون الاحتلال.
وعلى أثر العملية، شنّ الاحتلال عدواناً همجياً على غزة، وبالتزامن مع هذا العدوان على القطاع الذي شارف نهاية شهره الثالث، استمرت «جماعات المعبد» في عدوانها على الأقصى، وحاولت أن تظهر مركزية فكرة «المعبد» بالنسبة إلى جنود الاحتلال المشاركين في العدوان. وفي تشرين الثاني/نوفمبر، نشر عضو «الكنيست» الأسبق موشيه فيغلن، وهو من الداعمين لفكرة «المعبد»، مقطعاً له في المسجد الأقصى قرب باب الرحمة في 2/11/2023، قال فيه «لقد أسموا المعركة (طوفان الأقصى)، ونحن يجب أن نسميها (معركة المعبد) وليس (السيف الحديدي)، لُبّ المعركة هو هذا المكان، لا نملك مزيداً من الوقت؛ يجب أن نبني المعبد».
واستغلّ الاحتلال عدوانه على غزة لفرض حصار مطبق على الأقصى والقدس القديمة، وتقييد وصول المصلين إلى المسجد، بالتوازي مع استمرار فتح الأقصى أمام المستوطنين لاقتحامه وأداء صلواتهم فيه. ويمكن القول إنّ هذا الحصار على المسجد وتقييد الوصول إليه في أوقات الصلاة كافة وفي صلاة الجمعة، سببه خوف الاحتلال من أن يشكّل الرباط في المسجد عاملاً لتفجّر الوضع في القدس، وتمدّد الانفجار إلى الضفة.
ودعت «جماعات المعبد» المستوطنين إلى المشاركة الحاشدة في اقتحام الأقصى، ودعت إلى المشاركة في إقامة صلوات و«نحيب» في المسجد بهدف طلب العون من الله لجنود الاحتلال في عدوانهم على غزة. كما نشرت جماعة «العودة إلى جبل المعبد» صورة لقبة الصخرة مطالبة بتسريع هدم الأقصى وإقامة «المعـبد» مكانه، وأرفقت عبارة «سنؤذيهم بأغلى ما لدى حـماس».
كذلك، نشرت منظمة «جبل المعبد بأيدينا» على صفحات التواصل الاجتماعي صورة لدبابات الاحتلال على شاطئ تسير قُدماً نحو مجسّم للمعبد المزعوم، مرفقة بتعليق: «قريباً في جبل المعبد».