fbpx

غزة: مآسي نساء تحت وطأة الحرب

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

تعاني نساء في قطاع غزّة المحاصر مرارة القصف والحصار، يضاف إلى ذلك انهيار القطاع الطبيّ، ما ترك الكثيرات دون دواء وعناية صحيّة، خصوصاً الحوامل، الاتي يعانين أيضاً من نقص المستلزمات النسائيّة، ما يتركهنّ وأطفالهن/ أجنتهن عرضةً للخطر.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

 تحول منزل سارة العرابيد شمال قطاع غزّة المعزول إلى مأوى للهاربين/ات من جنون الحرب. البيت ذو النوافذ المكسّرة والأبواب دون أقفال مساحتة 180 متراً مربعاً،  يجتمع فيه 45 نازحاً رجال ونساء أطفال وكبار سن مرضى وحوامل!.

تصف سارة العرابيد في حديثها لـ”درج” نظام التقنين الذي يتبع في المنزل/ المأوى قائلةً :”2 لتر ماء الاستحمام مرة كل أسبوعين بمياه باردة، أما الشرب فقط لبلّ الرمق”. 

تفتقد النازحات الخصوصية في بيت يضم خمس عائلات حالياً، وتواجهن صعوبة في النوم والحركة، إذ يجدن أنفسهن في ظروف غير ملائمة  بسبب انقطاع المياه والكهرباء، بالإضافة إلى عدم توفر الطعام الصحي للمقيمين في المنزل.

تقول سارة :”كل إمرأة إلها بكيت فوط صحيّة واحد وسعر الفوط ارتفع كثيراً، وفي حال احتجنا أخاطر بنفسي لشراء كميّة إضافية وأثناء الدورة الشهرية نحاول عدم شرب الماء كي لا نضطر لاستخدام الحمام، ونحاول الحفاظ على النظافة الشخصية لكن يا دوب في مي نستخدم شامبو الشعر لأنه الصابونة المخصصة للجسم نفدت وقريباً قد نضطر لاستخدام منظف البلاط”

وحسب الجهاز المركزي الفلسطيني للإحصاء؛ يعيش في قطاع غزة 2.2 مليون نسمة، تُشكل النساء منهم 49%، ما يتجاوز المليون امرأة، أغلبهن- اعتمادًا على إحصاءات أعمار النساء الفلسطينيات يحتجن للفوط الصحية.

توافر المياه معضلة  للنازحين وتحديداً أولئك الذين يقيمون في مناطق الشمال، ذكرت سارة أثناء حديثها معنا أن المياه مقطوعة منذ خمسة أيام في منزلهم، والخزانات فارغة نظراً لانقطاع السولار اللازم لتشغيل المحرك الذي يقوم بضخ المياه إلى تلك الخزانات.

الكثير من النازحات يعانين من الإنفلونزا بسبب اضطرارهم للاستحمام بالمياه الباردة، و مياه الشرب تُستخدم لترطيب الفم ومنع الشعور بالعطش،  فلا مجال للارتواء ولا الاستحمام.

أما بخصوص الأطفال ، تقول سارة إلى أن الكثير منهم أصبحوا يتبولون لا ارادياً: “منضطر نحط شوية مي نمسح الفرشة وننشرها بالشمس تماشياً مع الوضع واحنا عارفين أنه بودينا لاشي مش منيح”.

أصيب بعض الأطفال أيضاً بالحساسية أو الاضطرابات نتيجة عدم توافر أكل صحيّ، كما ظهرت أعراض الأنيميا عليهم وسط تخوفات من كوارث صحيّة مقبلة.

الولادة تحت القصف

“كنت بدي أسمّيها على اسمي.. هلا بدنا نسمّيها سلام أو أمان أو وطن”، هكذا تقول رضا العرابيد (22 عاماً) التي نزحت من بيتها بحثاً عن الأمان، وحملت معها جنينها ومخاوفها من ولادة مبكرة ناتجة عن الخوف أو حاجة لعملية قيصرية في ظل أخبار تسمعها عن نفاذ المخدر بالمستشفيات.

لم تتوقع رضا أن تجربتها الأولى مع الأمومة ستكون على هذا النحو، تقول “قبل الحرب كان نفسي أجهز الجهاز الكامل للبيبي عشان بدي أصير أم أول مرة… ما لحقت ما لحقت ..كنت فرحانة،ولكن مع الحرب والخوف انكسرت.. أهم أشي أني أكون والجنين وأهلي بخير، قريبتي قدرت تنزل على السوق لاقت محل أواعي مستخدمة، جهزت كم قطعة يفوا بالغرض عند الولادة، بس في كتير احتياجات وفوط أطفال وحليب خايفة ما نقدر نوفرهم”.

لم تتمكن رضا من مراجعة طبيبتها منذ أكثر من شهر، تقول :”آخر مرة اطمنت على الجنين قبل الحرب بفترة ودكتورتي ما في وسيلة اتصال معها”، تعاني رضا من ضعف دم والتهابات بسبب الحمل، وتشعر بالخوف على صحة جنينها نظراً لسوء التغذية وعدم توفر المياه.

أن تكوني مريضة سرطان تسكن شمال قطاع غزة!

تعيش سماح أيام الحرب بلا عائلتها ودون زوجها وأدويتها الضرورية، تختبر التعب والخوف والوحدة، بينما تبحث عن مياه نظيفة للشرب، تقول:”أنا لحالي بالشمال، وحدانية وما عندي أولاد، زوجي سائق إسعاف بغيب أيام؛ الدنيا برد وعظمي بوجعني ونفسيتي سيئة جدّاً، المفروض اشرب مي كتير عشان العلاج الكيماوي ينضف من جسمي، وعندي ضعف بعضلة القلب وباخد بخاخ يساعدني للتنفس”.

سماح ابراهيم خليل (46 عاماً) نزحت من بيتها إلى بيت آخر، تعاني بشكل مضاعف كونها في آخر مراحل العلاج من سرطانيّ الثدي والغدة؛ وقبل الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة أنهت الجلسة الأخيرة من العلاج الكيماوي، وحُدد لها موعد منتصف أكتوبر للتأكد من خلّو جسدها من الخلايا السرطانيّة لكنّ الحرب حرمتها من ذلك.تعاني سماح أيضاً من هشاشة العظام وضعف في جهاز المناعة، وتتفاقم حالتها الآن بسبب سوء التغذية وعدم الالتزام بالعلاج.

يفترض أن تخضع سماح الآن إلى العلاج الهرموني، حبّة دواء تأخذها بشكل يوميّ، عليها أيضاً تناول الفيتامينات بشكل منتظم لتقوية المناعة، لكن المأساة التي يعيشها القطاع الطبيّ حالت دون ذلك، تقول سماح :”المستشفى بصرفلي علاج هرموني، حبة كل يوم، بس ما أخذته من أول الحرب، المستشفى التركي تعرّض للقصف، والدبابات قرب شارع صلاح الدين لا أستطيع الوصول إلى هناك، ولا يمكنني التواصل مع الدكتور الذي يتابع حالتي منذ بداية الحرب”.

يعمل زوج سماح سائق سيارة إسعاف مع وزارة الصحة، ما يضيف إلى معاناتها قلقاً متواصلاً، يغيب زوجها لأيام قبل أن تتمكن من رؤيته أو الاطمئنان عليه، ومرّة توجه إلى جنوب القطاع لإيصال الجرحي الذين سيعاجلون في مصر، لكن عند معبر رفح احتجزه الجيش الإسرائيلي لمدة 5 أيام، ولم يتمكن من العودة إلا بعد تنسيق مع الصليب الأحمر الدولي، الذي لم يكن تدخله كافياً لحماية طواقم الإسعاف، إذ تعرضوا لإطلاق نار أثناء عودتهم، لكنهم نجوا منه.


جاءها المخاض فمشت نحو المستشفى

كشف صندوق الأمم المتحدة للسكان في فلسطين عن وجود 50 ألف امرأة حامل في قطاع غزة، إحداهنّ وفي السادس من نوفمبر/ تشرين الثاني دخلت المخاض. توجهت آية سعيد حسّون من من مركز إيواء “وكالة النصر” سيراً على الأقدام إلى مستشفى الحلو كي تلد، هناك وضعت طفلتها “تيا”، وبعد ثلاث ساعات فقط، عادت مجدداً إلى مركز الإيواء حاملة طفلتها، ولا تملك حتى حبة واحدة من مسكن الآلام.

لا غذاء صحي، ولا مكان مريح للأم وابنتها، تتغذى آية على البسكويت وتنام هي وابنتها في “عريشة”، أي خيمة صغيرة في مركز الإيواء برفقة زوجها وحماتها وبناتها الثلاث.   “تيا” طفلة ولدت في الحرب بلا مكان دافئ يحتويها وبفوط قياسها “4” أي أكبر بكثير من الحجم المناسب لحديثي الولادة.

القطاع الصحي في قطاع غزة على حافة الانهيار، القصف المتعمد للمستشفيات، ونقص المعدات والأدويّة، حول المستشفيات لـ”مقابر” للجرحى والمصابين، ناهيك بالنازحين الذي فرّوا إلى محيط المشافي التي تتعرض أيضاً للقصف، ما يتركنا أمام مأساة مضاعفة، إذ لا مكان للفرار، فكل مساحة مستهدفة بحجة “دفاع إسرائيل عن نفسها”.