من المتوقع أن تلد 5.500 امرأة بغزة في الشهر المقبل ـ صورة تعبيرية.
من المتوقع أن تلد 5.500 امرأة بغزة في الشهر المقبل ـ صورة تعبيرية.

قدرت وكالة الأمم المتحدة المعنية بالصحة الجنسية والإنجابية، أن "حوالي 50 ألف امرأة حامل بقطاع غزة، يواجهن تحديات كبيرة وسط الحصار، خاصة عدم قدرتهن على الوصول إلى الخدمات الصحية".

وأفادت الوكالة التابعة لصندوق الأمم المتحدة للسكان في أرقام حديثة، بأن "من المتوقع أن تلد 5.500 امرأة بغزة خلال نوفمبر المقبل"، لافتة إلى أن هؤلاء النسوة "يفتقرن لإمكانية الوصول إلى خدمات الولادة الآمنة، فيما ينفد مخزون الإمدادات المنقذة للحياة".

وتتعمق معاناة الحوامل في غزة، وفق المصدر ذاته، مع غياب ملاذ آمن من القصف والقدرة على الحصول على الغذاء والماء، شأنهن شأن بقية المدنيين في القطاع.

وقالت المديرة التنفيذية لصندوق الأمم المتحدة للسكان، ناتاليا كانيم، في بيان: "إننا نكرر دعوة الأمين العام للأمم المتحدة إلى إلغاء أمر الإخلاء من شمالي غزة، الذي يزيد الوضع الإنساني المتردي سوءا".

وتابعت: "بالنسبة لآلاف النساء اللواتي على وشك الولادة، وأولئك المرضى والمصابين بجروح خطيرة، فإن إجبارهم على ترك منازلهم دون أي مكان آمن يذهبون إليه أو طعام أو ماء، يعد أمرا خطيرا للغاية".

شهادات

وفي شهادات نقلها صندوق الأمم المتحدة للسكان من غزة، الأربعاء، قالت حامل في الثلاثين من عمرها، إنها "اختبأت قرب المنازل أثناء سقوط القنابل"، لافتة إلى تعرضها إلى "الدوخة والتعب والصداع الشديد منذ فرارها من منزلها".

وقالت: "كل خطوة كانت بمثابة سباق مع الموت".

وقالت حامل أخرى تسكن بشمال غزة: "يشعر طفلي بكل انفجار"، وكشفت وهي تتحدث من مدرسة لجأت إليها بعد بدء القصف، حيث أنها نامت في الليلة السابقة "على أرضية باردة كانت تهتز مع كل انفجار".

ووصفت امرأة أخرى دخولها في المخاض، خلال إخلاء منزلها مع أهلها، قائلة: "لم تكن لدي أية فكرة عن المكان أو الطريقة التي سألد بها طفلي".

وتمكنت هذه السيدة، بحسب ما نقلته الهيئة الأممية، من الوصول إلى سيارة إسعاف نقلتها إلى جناح الولادة في مستشفى الشفاء، وهو أكبر منشأة طبية في غزة، لكنها خرجت من المستشفى بعد 3 ساعات فقط من ولادة طفلتها لإفساح المجال للوافدين الآخرين.

جهود أممية

وكشف الصندوق الأممي في بيان أنه يواصل "دعم خدمات الصحة الإنجابية، ويقوم من خلال شريكه (شارِك) بتوزيع مستلزمات النظافة الشخصية في 49 ملجأ في جنوب غزة تديره وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى". 

وجرى، بحسب الصندوق، تسليم أدوية للنساء الحوامل إلى وزارة الصحة في غزة، فضلا عن تقديم خدمات المشورة عبر خط للمساعدة في حالات الطوارئ.

ويقوم صندوق الأمم المتحدة للسكان أيضا بتخزين مسبق للإمدادات، بما في ذلك الأدوية الأساسية واللوازم الطبية وحقائب الصحة الإنجابية المشتركة، من أجل تقديم المساعدات بشكل عاجل عند استعادة إمكانية الوصول إلى داخل القطاع.

ومع ذلك، تشير الهيئة الأممية إلى أن "الجهود المبذولة للتفاوض بشأن ممر إنساني لم تنجح حتى الآن".

ودعا الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، في تصريحات سابقة إلى "احترام القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان والتمسك بهما؛ وحماية المدنيين وعدم استخدامهم كدروع بشرية على الإطلاق".

وتستمر حصيلة الضحايا بالارتفاع مع دخول الحرب بين إسرائيل وحركة حماس التي تسطير على غزة، يومها الرابع عشر، وسط استمرار الغارات الإسرائيلية على القطاع، وإطلاق الصواريخ من غزة، وتفاقم معاناة المدنيين بسبب فقدان الاحتياجات الأساسية.

وفي أحدث حصيلة نشرتها وزارة الصحة الفلسطينية، الخميس، قتل نحو 3800 شخص وأصيب أكثر من 12 ألفا بجروح، معظمهم مدنيون، وسط تقديرات بوجود المئات تحت الأنقاض بحسب مسؤولين في غزة.

وفي الضفة الغربية، قتل أكثر من 79 شخصا، وأصيب حوالي 1300 بجروح، منذ السابع من أكتوبر.

وتسبب الهجوم الذي شنته حركة حماس في السابع من أكتوبر، بسقوط أكثر من 1400 قتيل في إسرائيل، أغلبهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، واختطاف نحو 200 شخص، بحسب مسؤولين إسرائيليين.

المساعدات الإنسانية التي تحمل عبارة ليس لإعادة البيع ينتهي بها الأمر في الأسواق المؤقتة
المساعدات الإنسانية التي تحمل عبارة ليس لإعادة البيع ينتهي بها الأمر في الأسواق المؤقتة

سلط تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، السبت، الضوء على ما وصفه بـ"اقتصاد الحرب" في غزة التي تشهد منذ نحو 7 أشهر حربا مدمرة على خلفية الصراع بين إسرائيل ومسلحي حركة حماس.

يقول التقرير إن غزة تشهد ازدهارا في أسواق "البقاء على قيد الحياة" التي تركز على الأساسيات، ومن أهمها: الغذاء.

ويضيف التقرير أن الباعة في زمن الحرب اصطفوا في الشوارع وهم يعرضون الملابس المستعملة وحليب الأطفال والأطعمة المعلبة وكميات نادرة من الكعك محلي الصنع.

وفي بعض الحالات، جرى تكديس كميات كبيرة من المساعدات، التي لا تزال مزينة بأعلام الدول المانحة ومن المفترض توزيعها مجانا، على الأرصفة وبيعها بأسعار لا يستطيع سوى القليل من الناس تحملها.

من بين هؤلاء الباعة يقف عصام حمودة، 51 عاما، بجوار مجموعة من معروضاته وهي عبارة عن خضروات وبقوليات معلبة تلقتها عائلته كمساعدات.

يقول حمودة، الذي كان يعمل مدربا لتعليم قيادة السيارات قبل الحرب، إن "معظم البضائع الموجودة في الأسواق مكتوب عليها ليست للبيع".

يحاول حمودة أن يوفر الدعم لأسرته المكونة من ثمانية أفراد بالطريقة الوحيدة التي يجيدها، وهي إعادة بيع بعض المساعدات الغذائية التي يتلقونها كل بضعة أسابيع.

ويضيف حمودة: "ذات مرة حصلت على أربعة كيلوغرامات من التمر المجفف وبعت الكيلو بـ 8 شيكل" أي ما يعادل دولارين فقط.

وفقا للصحيفة فإن المساعدات الإنسانية التي تحمل عبارة "ليس لإعادة البيع" والمواد المنهوبة ينتهي بها الأمر في الأسواق المؤقتة. 

ويمكن للناس أن يكسبوا بضعة دولارات يوميا من خلال إجلاء النازحين على ظهور الشاحنات والعربات التي تجرها الحمير، بينما يكسب آخرون بعض المال من توفير بعض الخدمات في مخيمات النزوح.

ونظرا لاستمرار الأزمة الإنسانية، أصبح الوقوف في الطابور الآن بمثابة عمل بدوام كامل، سواء في مواقع توزيع المساعدات، أو في المخابز القليلة المفتوحة، أو في عدد قليل من أجهزة الصراف الآلي أو محلات الصرافة.

في السنوات التي سبقت الحرب، بدأ الاقتصاد في غزة، حتى في ظل الحصار الجوي والبري والبحري الخانق الذي فرضته إسرائيل ومصر، في التحسن، وفقا لخبراء اقتصاديين ورجال أعمال في غزة. 

شهد القطاع خلال تلك الفترة افتتاح فنادق ومطاعم على شاطئ البحر، وحصل المزيد من الفلسطينيين على تصاريح للعمل في إسرائيل ورواتب جيدة.

لكن كل هذه المكاسب تبخرت، حيث يواجه غالبية الفلسطينيين في غزة الآن الفقر على مستويات متعددة، ولا يقف ذلك عند نقص الدخل بل يشمل محدودية الوصول إلى الرعاية الصحية والتعليم والإسكان، وفقا لتقرير صدر مؤخرا عن البنك الدولي والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة. 

وقال التقرير إن نحو 74 بالمئة من السكان عاطلون عن العمل حاليا، مقارنة بـ 45 في المئة قبل اندلاع الحرب.

وأشار التقرير إلى أن الصدمة التي تعرض لها اقتصاد غزة هي واحدة من أكبر الصدمات في التاريخ الحديث، حيث انخفض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 86 في المئة في الربع الأخير من عام 2023.

وعلى خلفية الصراع والفوضى والخروج على القانون، ارتفعت الأسعار بشكل كبير، إذ ارتفعت أسعار السلع في السوق بشكل ملحوظ منذ توغل القوات الإسرائيلية في رفح. 

وبالنسبة لمئات الآلاف من الفلسطينيين الفارين من الهجوم الإسرائيلي، فإن الحصول على وسيلة نقل تبعدهم عن الغارات الجوية باتت تكلف مئات الدولارات.

وحتى قبل تدهور الوضع في رفح، كانت عمليات تسليم المساعدات غير متسقة وفوضوية بسبب القيود العسكرية الإسرائيلية، مما أتاح الفرصة للعصابات المسلحة أو الأفراد لنهبها، وفقا للسكان.

تقول ماجدة أبو عيشة، 49 عاما، وهي أم لعشرة أطفال: "يتم إسقاط المساعدات الغذائية أو جلبها عبر شاحنات، ومن ثم تجري سرقتها من قبل مسلحين أشبه بالعصابات".

وتضيف أبو عيشة إن "الفائز في هذه المعركة هو المسلح الذي يستطيع أن يحصل على ما يريد من المساعدات.. أي شخص ليس مسلحا أو قويا بما يكفي للقتال والاندفاع يعود إلى منزله خالي الوفاض".