انهيار عدد من المنازل السكنية في قطاع غزة بسبب القصف الإسرائيلي المكثف ـ صورة تعبيرية.
انهيار عدد من المنازل السكنية في قطاع غزة بسبب القصف الإسرائيلي المكثف ـ صورة تعبيرية.

فرت لجين البرنو من السودان مع زوجها وأطفالها الأربعة قبل أقل من خمسة أشهر في أعقاب اندلاع الحرب، تاركين منزلهم وذكريات سنين طويلة للعودة إلى قطاع غزة، حيث ولدوا.

غير أن أسابيع قليلة في القطاع كانت كفيلة لتظهر لهم أن الأمان الذي يبحثان عنه في القطاع محض سراب، ومع بدء القصف الجوي الإسرائيلي ردا على هجوم السابع من أكتوبر، كان منزل عائلة البرنو في حي الرمال من بين أولى البنايات التي تم تدميرها.

تقول لجين لصحيفة "نيويورك  تايمز" من منزل أحد أصدقاء العائلة في خان يونس جنوب القطاع، حيث تعيش الأسرة مع 90 من أقاربها الآخرين: "لقد فقدنا منزلين في خمسة أشهر". 

وتضيف لجين أن القنابل والغارات الجوية ما زالت تضرب محيط محل إقامتها الجديد، متسائلة باستنكار "ما الذي يفترض بنا القيام به الآن؟ وأين يجب أن أذهب؟".

"لا خبز ولا كهرباء"

وغادرت الأسرة منزلها في الرمال بعد أن تلقى المبنى الذي يعيشون فيه تحذيرا من الجيش الإسرائيلي بأنه سيقصف، قبل أن يمكثوا مع والدي زوجها في مدينة غزة لبضعة أيام، لكن الأسرة نزحت مرة أخرى جنوبا، بعد دعوات الإسرائيليين لسكان شمال القطاع بالإخلاء.

وكشفت لجين أن المياه تأتي عبر الصنابير لـ"بضع ساعات كل خمسة أيام، وهي بالكاد تكفي للشرب.. ناهيك عن الاستحمام".

وقالت إن الأرفف فارغة في محلات التسوق القريبة، وليس لديهم وقود للقيادة والبحث عن الطعام في مكان آخر.

وأضافت، رغم كل هذا "أكبر ما يقلقني هو كيف سأتمكن من الحصول على الحليب والحفاضات" لابنها جميل البالغ من العمر سنة واحدة.

وقالت السيدة الفلسطينية إن الصحة العقلية لبناتها الثلاث "دُمّرت"، مضيفة أن ساقي ماريا البالغة من العمر 5 سنوات "لا تتوقفان عن الارتعاش خوفا".

"الفرار مرة أخرى"

وبعد أن بنوا حياتهم في السودان، كانت لجين وأسرتها من بين أكثر من مليون شخص غادروا الدولة الواقعة في شمال شرق أفريقيا، بعد اندلاع القتال في أبريل الماضي بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.

وتقول الأمم المتحدة إن أكثر من 9 آلاف مدني قتلوا في السودان، وهو نفس العدد تقريبا من الأشخاص الذين قتلوا في غزة منذ السابع من أكتوبر.

تضيف لجين: "بعد أن غادرت السودان ووصلت إلى غزة، وأنا أحاول تقبل صدمة أن حياتي الماضية في السودان أُخذت منا فجأة.. وعندما بدأت بالكاد في تجاوزها حدث ما  حصل في 7 أكتوبر".

وتحمل الأسرة أيضا الجنسيتين السودانية والتركية، ومنذ أن بدأ بعض حاملي جوازات السفر الأجنبية في مغادرة القطاع عبر معبر رفح الحدودي إلى مصر، الأربعاء، زاد أمل الأسرة في ظهور أسمائهم على قائمة الأشخاص الذين تمت الموافقة على إجلائهم، حتى يتمكنوا من "الفرار مرة أخرى".

وارتفعت حصيلة القتلى في غزة نتيجة القصف الإسرائيلي، وفق السلطات الصحية بالقطاع، إلى 9061، بينهم 3760 طفلا.

وأوقع هجوم حماس قرابة 1400 قتيل في إسرائيل، وفق الجيش، معظمهم مدنيون، وبينهم نساء وأطفال.

محللون يعتبرون أن أمر صفقة التبادل بيد السنوار فقط وليس مكتب حماس في الدوحة
محللون يعتبرون أن أمر صفقة التبادل بيد السنوار فقط وليس مكتب حماس في الدوحة

ينتظر الوسطاء (قطر ومصر والولايات المتحدة) رد حماس على مقترح ينص على وقف القتال لمدة 40 يوما وتبادل رهائن بمعتقلين فلسطينيين في السجون الإسرائيلية. وفي حال التوصل الى اتفاق، فسيكون الأول منذ الهدنة التي استمرت أسبوعا في نوفمبر وأدت إلى الإفراج عن 105 رهائن، من بينهم 80 إسرائيليا، مقابل 240 أسيرا فلسطينيا.

وراوحت المفاوضات مكانها لأشهر، ويعود ذلك جزئيا إلى مطالبة حماس بوقف دائم لإطلاق النار والانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية من غزة، وكذلك بسبب تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو المتكررة عن شنّ هجوم بري على مدينة رفح بجنوب غزة.

ووصل مفاوضون من حماس إلى القاهرة، السبت، لإجراء محادثات مكثفة بشأن هدنة محتملة في حرب غزة ربما تتضمن إعادة بعض الرهائن الذين تحتجزهم حماس إلى إسرائيل.

وفد حماس وصل إلى القاهرة قادما من مقر الحركة في قطر التي تسعى بالتعاون مع مصر للتوسط من أجل التوصل إلى اتفاق لوقف لإطلاق النار..

وتجري محادثات القاهرة اليوم في الوقت الذي تراجع فيه قطر دور الوساطة الذي تضطلع به، وفقا لمسؤول مطلع على تفكير الدوحة.

وقال المسؤول إن قطر قد تغلق المكتب السياسي لحماس لديها، وليس لديه علم ما إذا كانت الدوحة ستطلب من وفود الحركة المغادرة في حال إغلاق المكتب.

وكانت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية قالت، الجمعة، إن الولايات المتحدة "طلبت من قطر إبعاد قيادات حماس من أراضيها"، حال "عرقلت" الحركة اتفاقا لوقف إطلاق النار في غزة وإطلاق سراح المختطفين لديها.

صحيفة: أميركا طلبت إبعاد حماس من قطر.. والدوحة نصحت هنية بخطة بديلة
كشفت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، الجمعة، أن الولايات المتحدة طلبت من قطر إبعاد قيادات حماس من أراضيها حال عرقلت الحركة التي تصنفها واشنطن كمنظمة إرهابية، اتفاقا لوقف إطلاق النار في غزة وإطلاق سراح المختطفين لديها.

ونقلت الصحيفة عن مسؤول أميركي، قوله إن "واشنطن أبلغت الدوحة بأن عليها طرد حماس لو استمرت الحركة في رفض وقف إطلاق النار مع إسرائيل"، وهو الاتفاق الذي تعتبره إدارة الرئيس جو بايدن، مسألة حيوية لخفض حدة التوترات في المنطقة.

فهل تتجه حماس بعد التلويح بإغلاق مكتبها في الدوحة، للموافقة على صفقة الرهائن أم أن القرار في النهاية لقادة الحركة في الداخل، وعلى رأسهم قائد حماس في غزة يحيى السنوار، الذي يعتبر العقل المدبر لهجوم السابع من أكتوبر.

يقول الباحث المختص في الدراسات الأمنية والاستراتيجية عامر السبايلة إن "من يعتقد أن حماس الدوحة قادرة أن تنجز أي صفقة فهو مخطئ".

ويضيف السبايلة أن "الحرب في غزة تسببت في انقسامات داخل الحركة"، مشيرا إلى أن "مكتب قطر أعطي الفرصة ليثبت قدرته على حسم بعض الصفقات لكنه فشل في ذلك".

ويرى السبايلة أن "هذا يشير إلى وجود خلافات عميقة في وجهات النظر وفي كيفية عقد الصفقات وشكلها والتي باتت تختلف بين أذرع حماس نفسها".

السبايلة يتابع بالقول: "اليوم هناك براغماتية واضحة من قبل مكتب الدوحة الذي بات مستوعبا لحجم الضغوطات التي تواجه قطر دوليا".

"أما الموجودون في أنفاق غزة فيعتقدون أن الحرب وصلت لمراحلها الأخيرة وبالتالي يسعون لتضخيم المطالب، لأن ورقة الرهائن بيده وبالتالي عدم موافقة من هم على الأرض في غزة على شكل الصفقة أدى لإفقاد مكتب الدوحة لقيمته السياسية"، وفقا للسبايلة.

في 25 أبريل أوردت وكالة رويترز تصريحات لمسؤول أميركي كبير قال فيها إن القرار يتوقف على "شخص واحد" هو يحيى السنوار قائد حماس في غزة.

وجاءت تصريحات المسؤول الأميركي تعليقا على بيان صادر من الولايات المتحدة و17 دولة أخرى طالبت فيه حركة حماس بإطلاق سراح الرهائن من المرضى والجرحى وكبار السن باعتباره سبيلا لإنهاء الأزمة في غزة.

ويدعو اقتراح الرهائن الذي تم طرحه في وقت سابق من هذا العام إلى إطلاق سراح الرهائن المرضى وكبار السن والمصابين في غزة مقابل وقف لإطلاق النار لمدة ستة أسابيع يمكن تمديده للسماح بإيصال المزيد من المساعدات الإنسانية إلى القطاع.

وفي هذا الإطار يقول الباحث الأكاديمي الإسرائيلي إيدي كوهين أن "الجميع في إسرائيل يعرفون أن من يحكم في غزة ومن لديه القدرة على البت بموضوع الرهائن هم كتائب القسام ويحيى السنوار".

ويضيف كوهين لموقع "الحرة" أن جميع قادة حماس في الخارج من أمثال "خالد مشعل وإسماعيل هنية وأسامه حمدان ليس لديهم الكثير من التأثير" لإتمام أي صفقة.

وفي تقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية أشارت إلى أن مصير محادثات وقف إطلاق النار في قطاع غزة بات معتمدا على اثنين من "الصقور" هما رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو والسنوار.

وأوضحت الصحيفة أن حسابات الرجلين لا تتركان مجالا كبيرا للتسوية، وتشكلان تحديا لجهود الرئيس الأميركي جو بايدن والوسطاء الآخرين في الوصول لوقف إطلاق نار وتحرير المحتجزين في غزة.

وبحسب ما ذكر مفاوضون عرب يتعاملون مع السنوار للصحيفة، فإنه قائد حماس في غزة يعتقد أن بإمكانه الصمود، حتى لو شنت إسرائيل هجوما على مدينة رفح جنوبي القطاع.

وقال الوسطاء المشاركون في المحادثات الرامية لوقف إطلاق النار، إن هدف السنوار الأساسي هو إطلاق سراح المئات أو الآلاف من السجناء الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية مقابل إطلاق سراح المحتجزين وإنهاء الحرب وضمان بقاء حماس (المصنفة إرهابية في الولايات المتحدة ودول أخرى) في السلطة.

وأشار التقرير إلى أن السنوار من المتوقع ألا يقبل بأي اتفاق لا يشمل مسارا موثوقا لإنهاء الحرب.