ستظل التهم تلاحق جماعة الإخوان المسلمين ما دامت تحافظ على ثوابتها وعلاقتها بالعمل بمعاني الإسلام الشاملة التي وضعها الإخوان كمنهج حياة لهم وللشعوب التي يسعون بينهم لنشر معاني الإسلام.

ما يزيد عن تسعين عاما هي عمر جماعة الإخوان المسلمين تعاقب عليها العديد من الحكام سواء في العهد الملكي أو الجمهوري العسكري، كانت جماعة الإخوان المسلمين فيها نقطة مشتركة في كل الاشتباكات التي كانت تختلقها السلطات القائمة سواء بهدف تخويف الغرب من الإسلاميين، أو قمع الشعوب بحجة دعمهم لجماعة لا تتفق مع السلطة، حتى وصلت التهم حول منهج الإخوان، أو الثوابت التي يرتكزون عليها، أو الصاق التهم المشينة بهم لتنفير الناس وصرفهم عنهم، ومنها تهمة أن الإخوان وعلى رأسهم مرشدي الجماعة ماسونيين.. فما هي الماسونية أولا؟

ما هي الماسونية؟

الماسونية لغة: لفظ مشتق من كلمة (Mason)، ومعناها البنَّاء، ويضاف إليها كلمة (free) ومعناها حر، فتكون (freemason) أي البناؤون الأحرار.

وهم يرمزون بها إلى البنَّاء الذي سيبني هيكل سليمان، والذي يمثل بزعمهم رمز سيطرة اليهود على العالم.

الماسونية اصطلاحاً: لها تعريفات منها:

فالماسونية حركة باطنية تسعى إلى ترسيخ مبدأ اللادينية من خلال أفكارها والجمعيات التابعة لها، وتتخذ من الشعار المعروف (حرية- إخاء – مساواة] مبدأ ظاهريا من أجل تحقيق هذا الغرض، وتعتمد السرية من أجل تحقيق تلك الأهداف.

وجاء في موسوعة الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة: بأنها منظمة سرية يهودية إرهابية غامضة محكمة التنظيم، ترتدي قناعاً إنسانياً إصلاحياً، وتهدف من وراء ذلك إلى ضمان سيطرة اليهود على العالم، وتدعو إلى الإلحاد والإباحية والفساد، وجلُّ أعضائها من الشخصيات المرموقة في العالم يوثِّقهم عهد بحفظ الأسرار، ويقومون بما يسمى بالمحافل؛ للتجمع، والتخطيط، والتكليف بالمهام.

2_ وعرفها بعضهم بأنها: أخطر تنظيم سري إرهابي يهودي متطرف، من أجل السيطرة السياسية والاقتصادية والثقافية في كل أنحاء المعمورة.

والماسونية مذهب فكري هدام، وحركة من أخطر الحركات التي أفرزتها عقلية اليهود الحاقدة لإحكام قبضتها على العالم وحكمه وفق إرادة اليهود ووفق مخططاتهم الرهيبة للقضاء على أديان وأخلاق الجوييم – كما يسمونهم – سواء أكانوا من المسلمين أو من النصارى أو من غيرهم – مع التركيز الخاص على المسلمين بالذات بعد أن سيطروا على النصارى – ومما لا يجوز الجهل به أن الماسونيين الآن هم المسيطرون على كثير من بقاع الأرض بعضهم ظاهرين وأكثرهم مستترين[مانع بن حماد الجهني: الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة، دار الندوة العالمية للطباعة والنشر والتوزيع، طـ 4، 1420هـ، صـ501.]

لقد تكلم الكثرين حول نشأة الماسونية وأهدافها، وتضاربت الأقوال حول تاريخ نشأتها، فبعضهم ذكر بدايتها بعد الأسر البابلي لليهود، وبعضهم ذكر أنها ظهرت بعد القرن الثامن عشر الميلادي وحجة أهل هذا القول أنه لم يكن في بريطانيا في القرن الثامن عشر أية جمعية تحمل اسم البنائين الأحرار، وبعضهم ذكر أنها تأسست عام 1616م حيث انبثقت عن جمعية تسمى جمعية الصليب الوردي، والبعض ذكر أنها نشأت في القرن الرابع عشر الميلادي، وأخرين ذكروا أنها ظهرت إثر الحروب الصليبية، وربما كان الماسونيين هم وراء هذا الاضطراب في تحديد نشأتهم.

ويرى بعض العلماء أن الراجح من تلك الأقوال أن الماسونية ظهرت في بداية القرن الأول الميلادي عندما كان اليهود يبشرون بظهور نبي جديد يعيد لهم الملك والمنعة وبالتالي كانوا يخططون للقضاء على النصرانية التي أخذت تنتشر بقوة عالية.

والذي يظهر أنه القول الراجح هو أن الماسونية قد ظهرت في عهد الملك اليهودي "هيرودس الثاني" حيث بدأ التفكير في إقامة الماسونية في عهد هذا الملك (37- 44 م) الحاقد على العالم بأسره وعلى الله أيضا لعدم إنهائه النصرانية وحكم غير اليهود وكان من أشد أعداء النصرانية على الإطلاق.

لقد رأى "هيرودس" أن المسيحية التي جاء بها المسيح عليه السلام هي المعول الهدام ضد إقامة مملكة اليهود العالمية ولهذا كانت تعلوه الكآبة والحزن كلما سمع عن الداخلين من الوثنيين في المسيحية كان للملك "هيرودس" مستشارين هما: " أحيرام أبيود" و" مؤاب لافي" ملكهم " هيرودس" وقد علاه الحزن والغم من انتشار المسيحية وعدم القضاء عليها سريعا فأشار عليه " أحيرام " بتأسيس جمعية خفية تسمى " القوة الخفية " مهمتها قتل المسيحيين والحد من انتشارهم بكل الوسائل وتحقق "هيرودس" من فائدة هذا الاقتراح فعلت وجهه البشاشة والفرح وعرف أن هذا الاقتراح له ما وراءه فشكر " أحيرام" فعرضا الأمر على "مؤاب " المستشار الثاني – فوجداه أشد غيرة وحنقا على المسيحيين وتداولوا الأسماء التي يمكن أن تشاطرهم تنفيذ هذه المهمة الخطيرة فتم الاتفاق على ستة أشخاص.

وتمت دعوتهم للجلسة وحضروا كلهم وفي نهاية الجلسة وقع المؤسسون محضر هذه الجلسة والجلسة التي قبلها – الثلاثية – واحتفظ كل عضو بصورة من الجلستين.

اجتمع المؤسسون في أحد أقبية قصر الملك وسموا مكان اجتماعهم هيكلا تخليدا لهيكل سليمان الذي يزعمه اليهود وكانت مهمتهم في هذه الجلسة هو تدارس اليمين التي يجب أن يؤديها كل عضو يدخل في جمعيتهم والطريقة التي يتم بها إدخال الشخص معهم وبعض الرموز كالبيكار والميزان والصور الفلكية كرسم الشمس والقمر والنجوم لإيهام الداخل بأن جمعيتهم قديمة كقدم هذه الأفلاك ثم وزعت المهام على الأعضاء وانتشروا لاستجلاب الناس إلى الدخول في هذه القوة الخفية وتأسيس الهياكل الماسونية ودعوة الأثرياء للبذل والمساعدة في بناء هذه القوة الخفية فسجلوا في ظرف ودعوة أشهر خمسة وأربعين هيكلا تضم نحوا من ألفي عضو خفي.

وحينما أحس الملك هيرودس بدنو أجله في عام 44 م أودع سر هذه الجمعية لابنه "أغريبا" وشدد عليه في كتمان سرها والعمل الحثيث لإنهاء المسيحيين.

وحينما آلت رئاسة الجمعية إلى " أحيرام أبيود" المخترع الأول للجمعية سمى هيكل القدس المركزي " كوكب الشرق الأعظم" تحديا وتكذيبا للكوكب الذي هدى المجوس لمكان ولادة المسيح – كما جاء في أنجيل متى – ثم أصدروا أمرا مشددا يقضي بالإجهاز على كل أتباع المسيح ثم غادر القدس ليشهد بنفسه مجازر المسيحيين وقتلهم فانقطعت أخباره أياما ثم شوهد إلى جانب شجرة أكاسيا جيفة تتنازعها الكواسر والجوارح وما دل على شخصه إلا المطرقة المنقوشة على خاتمه إذ على كل عضو خفي أن يصطحب من رموز جمعية " القوة الخفية" ما يدل عليه[علي عبد اللطيف أبو سمعان: الماسونية واليهود في بناء الهيكل الموعود، دار الكتاب الثقافي، الأردن، 2010م، صـ14- 18]

المعتقدات

للماسونية – كغيرها- بعض الأفكار والمعتقدات نذكر بعضا منها:

  1. يعملون على تقويض الأديان
  2. يعملون على إسقاط الحكومات الشرعية وإلغاء أنظمة الحكم الوطنية في البلاد المختلفة والسيطرة عليها.
  3. العمل على تقسيم غير اليهود إلى أمم متنابذة تتصارع بشكل دائم.
  4. بث سموم النزاع وإحياء روح الأقليات والطائفية.
  5. هدم المبادئ الأخلاقية والدينية ونشر الإباحية والإرهاب والإلحاد[محمد نمر المدني: الانفجار الماسوني، طـ1، رسلان للطباعة والنشر والتوزيع، 2009م، صـ194]

الماسونية في مصر

لا خلاف بين العارفين بالماسونية على أنها تنظيم سرى يقوم بإدارة العالم عبر محافله السرية وقياداته وشخصياته فى مختلف بلدان العالم.

ثمة اتفاق أيضاً بين المختصين بدراسة الماسونية على أنها بدأت فى مصر مع دخول الحملة الفرنسية سنة: (1798م)، وانتشرت محافلها فى كافة ربوع مصر، فأنشأت محافل فى القاهرة، والإسكندرية، وفى طنطا والمنصورة والزقازيق، وغيرها من الأقاليم المصرية.

حيث أسس كليبر أول محافل الماسونية في مصر وعرف بمحفل «إيزيس»، ليس فقط لتكريم الألهة المصرية، إنما لبث رسالة من الماسونيين في العالم أن الماسونية نفسها من آثار المصريين القدماء.

الظهور التالي للماسونية في مصر كان بعد 30 عاما، وشهد هذا الظهور انطلاقة زاخرة للحركة في مصر، حتى وصل عدد المحافل لأكثر من 100 محفلا على الطرق الأسكتلندية والفرنسية والأمريكية والإيطالية، ففي عام 1830 تأسس في الإسكندرية محفلًا ماسونيًا بواسطة أخوة إيطاليين ماسونيين، تلاه في 1838 تأسيس محفل عرف باسم «مينيس».

حتى 1845 كان الماسونيون المصريون يخافون المجاهرة بالانضمام للمحافل الماسونية، حتى أنشئ محفل الأهرام بالإسكندرية، وانضم له كبار الأدباء والنبلاء وعلية القوم، ولم يعارض تواجده شعب أو سلطة، ما ساعده على النمو وتقوية مجموعة أعضاءه وتعزيز مكانته، حتى أنه انضم إليه أمراء من الأسرة العلوية الحاكمة لمصر حينها، أهمهم الأمير محمد عبد الحليم بن محمد علي باشا ووصل عدد أعضاءه لـ1000 عضو، وكان أكبر وأهم المحافل الماسونية التي نشأت في مصر.

وصلت المحافل الماسونية للشرقية والدقهلية وامتدت لبورسعيد والإسماعيلية والسويس بخلاف القاهرة والإسكندرية، حيث كانتا أول المدن المصرية التي عرفت الماسونية في مصر، وأنشئ بها محافل، واشتهرت محافل عدة مثل «منف» و«الكون» و«كوكب الشرق» و«الكونكورد» و«بلور»، وفي الإسكندرية كان أول محفل على الطريقة الإيطالية يصرح له بالعمل في منح الدرجات العليا للأعضاء سنة 1864.

تأسست بعد ذلك الهيئة الماسونية المصرية الحديثة، عام 1876، وأصدر عنها أول دستور ماسوني لجميع المحافل المصرية، عام 1885، الأمر الذي أصبحت بعده الماسونية المصرية مشهورة بين المحافل العظمى.

انتخب الخديوي توفيق الرئيس الأعظم للمحفل الأكبر الوطني المصري عام 1887، وشغله بعده إدريس بك راغب، رئيس الوزراء وقتها.

نمت الماسونية وسط تسامح المصريين، وكان هناك نوعان من الماسون فى مصر ، فهؤلاء مثل قدماء ملاك الأراضى الذين تمسكوا بالماسونية الإنجليزية التقليدية، وآخرون بسبب وطنيتهم المتحمسة انضموا إلى المحافل الفرنسية المتحررة ، مثل "جمال الدين الأفغانى" وتلميذه "محمد عبده"، ومن العجيب أن "الأفغانى" مال إلى مخاطبة رفاقه الماسون كإخوان الصفا وخلان الوفا.

وظهرت الحركات المضادة للماسونية بعد عام 1948، عندما ثبت فى كافة أرجاء العالم العربى علاقة الصهيونية والماسونية، واحتدمت المناقشات فى مصر، التى كان يدافع فيها عن الماسونية "جورجى زيدان" و"شاهين مكاريوس"، واللذان امتدحا رجال الأعمال اليهود، ودورهم فى إنعاش الاقتصاد الرأسمالى المصرى. وبعد ستة عقود من آرائهم أعيد تفسيرها شكل أكثر إثارة، عندما صور رجال الأعمال اليهود كأدوات فى مؤامرة "يهودية – صهيونية" للسيطرة على الاقتصاد المصري.

وبحلول عام 1952 فقدت المحافل الماسونية الكثير من أعضائها الأغنياء العاملين، سواء من الخوف أو المصالح الشخصية، وتوقفوا عن حضور الاجتماعات، فعانت كافة المحافل من أوقات عصيبة حتى تستطيع مساندة نفسها، ومع توقف النشاط في مصر مؤقتا إلا أنها ما زالت موجودة في مصر، خاصة أندية الروتاري[وائل إبراهيم الدسوقى: الماسونية والماسون في مصر 1798– 1964، سلسلة مصر النهضة، دار الكتب والوثائق القومية، القاهرة 2008م.]

الإخوان الماسونيين

جماعة الإخوان المسلمين جماعةٌ شرعيةٌ وهيئةٌ إسلاميةٌ شعبيةٌ جامعةٌ اصلاحية، حيث تهدف إلى إصلاح سياسي واجتماعي واقتصادي من منظور إسلامي شامل في مصر وكذلك في الدول العربية وغيرها من الدول. كما أن الجماعة لها دور في دعم عدد من الحركات الجهادية والتي تعتبر حركات مقاومة في العالمين العربي والإسلامي ضد كافة أنواع الاستعمار أو التدّخل الأجنبي.

وتسعى الجماعة في سبيل الإصلاح الذي تنشده إلى تكوين الفرد المسلم والأسرة المسلمة والمجتمع المسلم، ثم الحكومة الإسلامية، فالدولة فأستاذية العالم وفقاً للأسس الحضارية للإسلام عن طريق منظورهم. وشعار الجماعة "الله غايتنا، والرسول قدوتنا، والقرآن دستورنا، والجهاد سبيلنا، والموت في سبيل الله اسمي أمانينا".

وهذه الأهداف والأفكار والمعتقدات تختلف اختلافا جذريا عن أهداف وأفكار ومعتقدات الماسونية والتي أسسها اليهود لإحكام القبضة على مقاليد الحكم في العالم.

غير أن بعض الكتاب والصحفيين – الذين يسيرون في فلك السلطة ويسعون لكسب رضاها- يعمدون إلى إلقاء التهم الجزاف على الإخوان ومنها أنها جماعة ماسونية. حيث سعوا بكل طاقتهم إلى محاولة إخراج الجماعة من أهدافها التي من أجلها نشأت إلى ربطها بأهداف المحافل الماسونية، ويبدو ذلك جليا في كتابات الصحافيين المصريين والإماراتيين والسعوديين خاصة وهى أكثر الدول حربا على الإخوان بعد ثورات الربيع العربي.

وبالبحث في كتابات الباحثين في العديد من الدول خاصة الدول الغربية والأمريكية لم نجد أي معلومة تربط بين الإخوان والماسونية، مما يتضح أن هذه الكتابات والحملات من باب الخصومة والنكاية السياسية.

فنجد صحيفة الدستور المصرية تخرج علينا يوم الجمعة 15 سبتمبر 2017م وتحت عنوان [الشعار والبيعة والهيكل والأهداف.. دلالات ماسونية جماعة الإخوان]، بهذا التحليل: هل تخيلت يومًا أن شعار جماعة الإحوان الإرهابية هو شعار الماسونية ولكن بشكل مقلوب؟ وهل اعتقدت يومًا أن هناك ثمة علاقة مابين نشأة تنظيم جماعة الإخوان الإرهابي وما بين الماسونية؟ تساؤلات عدة طرحت نفسها على مدار سنوات طوال، لكن الحقيقة الواضحة أن هناك عشرات الدلائل القاطعة التي تثبت ماسونية التنظيم الارهابي وصلته الوثيقة بالماسونية العالمية وأنه فكرة شيطانية ارتدت عباءة الدين لتسفك الدماء نحو السيطرة على العالم أو "الأستاذية"، بداية من شعار الجماعة وطريقة تقديم البيعة وصولًا للبناء الهيكلي والأهداف السرية كذلك.

ومن المثير للاهتمام أن اسم "حسن البنا" مؤسس الجماعة الإرهابية وبحسب الوارد في الأوراق الثبوتية لا يوجد به لقب البنا، فهل من علاقة ما بين هذا اللقب ولفظة الماسونية Free Masson التي تعني البناؤون الأحرار؟ حيث إن الاسم الحقيقي لحسن البنا هو "حسن أحمد عبدالرحمن الساعاتي"، ليصبح بعد ذلك لقبه حسن البنّاء وفق المنهج الماسوني والذي تم تداوله بعد ذلك باللهجة العامية المصرية "البنا"[ الشعار والبيعة والهيكل والأهداف.. دلالات ماسونية جماعة الإخوان: https://cutt.us/lW4TP]

وظل هذا الصحفي يسرح بخياله في عالم خرافي لإثبات حقيقة ماسونية حسن البنا والإخوان.

العجيب أن ثروت الخرباوي سار على نهج مغازلة النظام بكيل الاتهامات للجماعة – وكأنه انتقام شخصي من الجماعة - إذ يؤكد على أمر شديد الأهمية وهو أن البناء التنظيمي لجماعة الإخوان المسلمين يطابق التنظيم الهرمي للجماعة الماسونية، حتى درجات الانتماء للجماعة، وطريقة البيعة وأسلوبها وعبارتها واحدة في التنظيمين.

في الفصل الثاني من الكتاب والذى عنوانه «إيكاروس» يبدأ الخرباوي في إثارة القضايا، عبر التطرق إلى سر أول من الأسرار المحفوظة لدى «الكهنة الكبار في صندوق خفي لا يستطيع أحد أن يطلع على ما فيه، إذ إن العتمة التى يعيشها أفراد الجماعة تحجب عنهم نور الحقيقة». يتمثل ذلك السر في وجود علاقة، يراها الخرباوي قوية وقديمة، بين الإخوان والماسونية، لافتاً إلى أن الداعية الراحل محمد الغزالي في أحد طبعات كتبه القديمة « من معالم الحق في كفاحنا الإسلامي الحديث» تحدث عن أن المرشد الثاني للجماعة حسن الهضيبي كان ماسونياً، والدليل على ذلك تأكيده على منهج البنا الذي يرفض فكرة الوطن والمواطنة وهو الهدف الماسوني الأكبر لفكرة الحكومة العالمية [تعليق: الإمام الغزالي كتب هذا الكتاب بعد خلافه مع المستشار الهضيبي وضغط عبدالناصر عليه ليطعن في الهضيبي غير أنه عاد وكتب مقدمة للكتاب في السبعينيات تراجع فيها عن هذه الاتهامات وذكر الوقائع، أضف لذلك لقد أشاد الجميع بكتابات الإمام البنا والإخوان في المواطنة والوطنية]. ويتتبع الخرباوي ذلك، ليجد أن سيد قطب، كتب مقالات فى جريدة «التاج المصري» التابعة للمحفل الماسوني المصري، وكانت الجريدة لا تسمح لأحد بالكتابة فيها إلا أن يكون عضواً من أعضاء «المحفل» [تعليق: كان سيد قطب في مدرسة شعرية وحينما كتب المقال لم يكن من الإخوان حيث كتبه عام1945م وبعدما عاد من امريكا في الخمسينيات التحق بالإخوان وظل معهم ثلاث سنوات قبل أن يعتقل ويغيب في السجون لمدة 10 سنوات عام 1954م، ومع ذلك لم يثبت أحد أن سيد قطب كان ماسونيا إلا قولهم أن الجريدة لم تكن تسمح لأحد بالنشر فيها إلا أن يكون ماسونيا وهذا تخمين لا يرتقي لدليل]. يمتد الخيط ليصل بالخرباوي إلى ركن ثالث فى «الإخوان»، ولكن هذه المرة فى سوريا، ويطرح اسم مراقب الإخوان هناك مصطفى السباعي. ويتطرق الخرباوي، في أجواء شبيهة بعالم رواية «شيفرة دافنشي»، إلى تحليل رموز الجماعة، ويطيل الوقوف أمام شعارها، حيث السيفان والمصحف وكلمة «وأعدوا»، محاولاً إقامة رابط بين شعار الجماعة، وشعارات الماسونية، ولعل ذلك بدا واضحاً حتى في غلاف الكتاب. لكن اللافت أن الخرباوي يختتم حديثه في تلك النقطة تحديداً، بأن العلاقة الإخوانية ــ الماسونية هى مجرد «فرضية» ينبغي التحقق منها وتتبعها، وفي موضع آخر من الكتاب يعود إلى النقطة نفسها، مشيراً إلى اختراق الماسونية لجماعة الإخوان [لم يقدم دليلا]، من دون أن تدرى الأخيرة[ثروت الخرباوي: سر المعبد - الأسرار الخفية لجماعة الإخوان المسلمين، دار نهضة مصر، الطبعة الأولى: نوفمبر 2012م.].

غير أنه عاد وقال في معرض الكتاب – أثناء مناقشة الكتاب في إطار فعاليات معرض الكتاب في ندوة بعنوان "كاتب وكتاب"- أنه لم يقل أن البنا تأثر بالفكر الماسوني، وإنما تابع فكرهم وتأثر بالبناء التنظيمي لهم وخاصة القسم والبيعة للنظام الخاص.

وفي هذا الحفل فضح زيفه ضيفه الدكتور بهاء الأمير – المتخصص في اليهودية والماسونية -  والذي انتقد الكتاب بشدة حيث قال: الكتاب لا يوجد به إلا ثلاثة مصادر أو أربعة؛ لأنه يعتمد على تجربة شخصية، فالكتاب أقرب إلى الرواية من الدراسة البحثية، حتى أن عنوان الكتاب لا يوجد ما يدل في المحتوى.

وأضاف: الخرباوي نسب أصول الجماعة إلى أشياء متعددة ومتناقضة، ففي فصل جعل الجماعة وهابية، وفي فصل آخر ذكر أنها جماعة تكفيرية، وفي فصل الخطاب المجهول جعلها جماعة أمريكية ثم ماسونية، وفسرت ذلك بأن الكتاب سيكولوجي، وأن الخرباوي ليس كارهاً للجماعة بل يحبها ويرى فيها كل شيء. وانتقد الأمير اعتراف الخرباوي في الكتاب بأنه لم يضع يديه على البئر المخفي للجماعة إلا بعد ست سنوات من تركه للجماعة، وقال: هناك من انفصل عن الماسونية في الغرب والشرق وكتبوا عنها لفضح أهدافها، وكلهم كانوا يعرفون أسرارها قبل أن يتركوها، وليس بالمصادفة. كما اعترض على أن يستند الخرباوي في كتابه على اتهامات الإمام محمد الغزالي للهضيبي بأنه سمح بدخول الماسونية للجماعة، مشيراً إلى أن كلام الغزالي مجهول ولا يعد مصدراً، لذلك على المؤلف أن يأتي بالدليل على صحة هذا الكلام.

وأشار الأمير إلى أنه شعر بالرهبة ثم وقع من الضحك عندما قرأ وصف الخرباوي في فصل "الماسيوإخوانية"، لكيفية اكتشافه أوجه التشابه بين الماسونية وجماعة الإخوان المسلمين، في حين أن هذا الكتاب لـ "شاهين مكاريوس" الماسوني، وهو يهودي وألف سبعة كتب في الماسونية، وهي ليست للتعريف بالحقائق ولكن للتضليل، حيث قال: إن الماسونية تنقسم لثلاثة مستويات في حين أنها أكثر من ذلك، مما تعني أنه في "كي جي" ماسونية.

وأكد الأمير أنه لا يوجد تشابه بين تنظيم الجماعة التي لا أعرف درجاتها وبين الماسونية التي بها درجات كبيرة ومعقدة، مشيراً إلى وجود اختلاف بين مسمى أستاذ في الماسونية وفي الجماعة، حيث أنها في الماسونية هي رتبة لرئيس المحفل، بينما في الجماعة هي غاية، كما أن شعار الماسونية خماسي والإخوان ليس كذلك؛ لأنه أقرب للسداسي، مشيراً إلى أن المشكلة تكمن في أن الخرباوي يرى الجماعة في كل شيء[ويكيبيديا الموسوعة الحرة- تحقيق حول كتاب سر المعبد، https://cutt.us/jFPGD]

لم يقتصر الأمر على الخرباوي وغيره بل حاول أميل أمين تأكيد هذه الرواية وبثها في نفوس الناس على أنها حقائق وذلك من خلال الصحف الإماراتية، مستندا لما كتبه عباس العقاد في 2 يناير 1948م في صحيفة الأساس الصحيفة الناطقة باسم الحزب السعدي الحاكم [بعد حل جماعة الإخوان المسلمين واعتقال قادتها بشهر]بإن هناك سرًا لا يعرفه كثيرون عن نشأة الإخوان وحقيقة داعيتهم وزعيمهم حسن البنا، وأنه يهودي من أب يهودي وأم يهودية، وهو ليس مصرياً وإنما مغربي قدم إلى مصر هرباً من الحرب العالمية الأولى، وتلقفته الجماعات اليهودية في مصر، ووفرت له المأوى والعمل، حيث التحق والده بهيئة السكة الحديد في مهنة إصلاح ساعات الهيئة، وهي المهنة التي كان يحتكرها اليهود في مصر.[تعليق: قام بعض الباحثين بتفنيد ذلك بالدليل القطعي والذي يثبت أن الإمام البنا مصري من أم وجد مصريين وأنهم مسلمان من قرية شمشيرة بمركز فودة التابعة حاليا لمحافظة كفر الشيخ ثم انتقل والده إلى المحمودية ليستقر فيها][ أميل أمين: العلاقة الخفية بين «الإخوان» والماسونية، صحيفة البيان الإماراتية، https://cutt.us/Z6Y9u]

وفي سياق الخصومة السياسة المقيتة فتحت صحف السعودية أبوابها بعد الانقلاب لكثير من الكتاب للطعن في جماعة الإخوان، والصاق التهم الباطلة بها ومنها تهمة الماسونية والتي جاءت صورة طبق الأصل لما كتبه الكتاب المصريين المحسوبين على النظام الانقلابي، وجميعهم استندوا إلى مقال عباس العقاد الذي لم يستند إلى دليل إلا كتاباته فقط.

فقد كتب خالد عباس طاشكندي تحت عنوان الجذور الشيطانية لماسونية «الجـماعة» من «البنّا» إلى «قطب» في الصحيفة عكاظ السعودية حيث ردد ما كتب من قبل.

وكتب محمود خليل في صحيفة السياسة الكويتية يردد نفس الكلام دون تقديم أى دليل سوى ما قيل فقط من اتهامات للجماعة لم تظهر إلا بعد الانقلاب العسكري على الحكم المدني في مصر عام 2013م.

والسؤال: أين كان الباحثون والصحفيون والمفكرون والكتّاب من ماسونية الإخوان المسلمين طيلة ما يزيد عن ستين عاما فترة حكم عبدالناصر والسادات ومبارك، فلم نسمع هذه الاتهامات؟

فهل كان مقال عباس العقاد تحت الأنقاض واستطاع الكتاب والباحثون إخراجه بعد الانقلاب؟.

هل مخابرات هذه الدول كان يخفى عليها ماسونية الإخوان التي استطاعت تحقيق النصر تلو الآخر في الاستحقاقات الانتخابية في معظم دول الربيع العربي؟.

إن كان الإخوان ماسونيين لماذا يحاربون كل هذه الحروب من اليهود وعملائهم في البلاد العربية؟ ألم يكن الإخوان في خندق واحد مع اليهود والعملاء وفق اتهاماتكم فلماذا تحاربونهم؟؟؟؟؟؟؟.

نتمنى أن يقدم باحث واحد دليلا ولو واحدا على حقيقة ماسونية الإخوان غير الكلام المرسل في مقال عباس العقاد والذي كتبه بعد حل الجماعة في يناير 1949م.

الإخوان ضد الماسونية

لم تكن أهداف وأفكار ومعتقدات الإخوان المسلمين تتماشى أو تتوافق مع فكر الماسونية الصهيونية حيث أن الجماعتين على خلاف شديد، بل أن اليهود نصبوا الحراب للإخوان حينما تبنى الإخوان راية الدفاع عن فلسطين وقدموا الشهداء على أرضها ولذا ظلت صيحات الصهاينة تتعالى بالقضاء على الإخوان قبل أن يقضوا على الدولة الصهيونية الناشئة.

فكتبت فتاة صهيونية تدعى روث كاريف ونشرته لها جريدة (الصنداي ميرور) في مطلع عام 1948م ونقلته جريدة (المصري) لقرائها في حينه، ونحن ننقل بدورنا أهم ما جاء به من التهم ليرى القارئ مدى النجاح الذي أحرزته الدعاية اليهودية حين أقنعت حكومات أوروبا بخطورة حركة الإخوان، ودفعتها لمحاربتها بشدة، قالت الكاتبة في مقالها: "إن الإخوان المسلمين يحاولون إقناع العرب بأنهم أسمى الشعوب على وجه البسيطة، وأن الإسلامَ هو خير الأديان جميعًا، وأفضل قانون تحيا عليه الأرض كلها"، ثم استطردت تصف خطورة حركة الإخوان إلى أن قالت: "والآن وقد أصبح الإخوان المسلمون ينادون بالاستعداد للمعركة الفاصلة التي توجه ضد التدخل المادي للولايات المتحدة في شئون الشرق الأوسط، وأصبحوا يطلبون من كل مسلمٍ ألا يتعاون مع هيئة الأمم المتحدة، فقد حان الوقت للشعب الأمريكي أن يعرف أي حركة هذه، وأي رجال يتسترون وراء هذا الاسم الرومانتيكي الجذاب اسم "الإخوان المسلمين".

 إن اليهود في فلسطين الآن هم أعنف خصوم الإخوان المسلمين؛ ولذلك كان اليهود الهدف الأساسي لعدوان الإخوان، وقد قام أتباعهم بهدم أملاك اليهود ونهب أموالهم في كثيرٍ من مدن الشرق الأوسط، ويعدون الآن العدة للاعتداء الدموي على اليهود في عدن والبحرين، وقد هاجموا دور المفوضيات والقنصليات الأمريكية، وطالبوا علنًا بانسحاب الدول العربية من هيئة الأمم المتحدة".

 وبعد هجوم عنيف على سماحة المفتي الأكبر وعلى فضيلة الإمام الشهيد حسن البنا ختمت مقالها قائلةً: "وإذا كان المدافعون عن فلسطين- أي اليهود- يطالبون الآن مجلس الأمن بإرسال قوة دولية لتنفيذ مشروع التقسيم الذي أقرته هيئة الأمم المتحدة، فإنهم لا يطالبون بذلك لأن الدولة اليهودية في حاجةٍ إلى الدفاع عن نفسها، ولكنهم يريدون إرسال هذه القوة الدولية إلى فلسطين لتواجه رجال الإخوان المسلمين وجهًا لوجه، وبذلك يدرك العالم كله الخطر الحقيقي الذي تمثله هذه الحركة، وإذا لم يدرك العالم هذه الحقيقة في وقت قريب فإن أوروبا ستشهد ما شهدته في العقد الماضي من القرن الحالي إذ واجهتها حركة فاشية نازية فقد تواجهها في العقد الحالي إمبراطورية إسلامية فاشية تمتد من شمالي إفريقيا إلى الباكستان، ومن تركيا إلى المحيط الهندي".

ويذكر الدكتور ميشيل هدرسون الخبير في الشؤون العربية وشؤون الشرق الأوسط في مقاله بعنوان الإسلاميون هم الخطر الأكبر على إسرائيل، والذي نشرته مجلة (يو إس نيوز) في 16 /10/ 1964م قوله: اعتقد أن الفئات الإسلامية المتطرفة وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين ستشكل خطرا حقيقيا على إسرائيل.

ويواصل الكتاب اليهود كتابتهم المحرضة على القضاء على جماعة الإخوان المسلمين إذا أرادت إسرائيل أن تعيش في سلام، والدفع بساستهم بالتعاون مع الحكام العرب للقضاء عليها والتطبيع معهم، حيث كتب غوردن كريمر في كتابه اليهود في مصر الحديثة 1914–1952م، صـ145: أن أول شعارات ضد الصهيونية عرفتها جدران المدن المصرية كانت من صنع الإخوان المسلمين الذين ملئوا جدران مدينة بورسعيد بالشعارات المناهضة للصهيونية والمتعاطفة مع الشعب الفلسطيني خلال زيارة رئيس جمعية الشبان المسلمين في فلسطين إلى بورسعيد في شهر أيلول/ سبتمبر من عام 1936م.

ولقد سعت جميع الحكومات الغربية على تنفيذ استراتيجية القضاء على الإخوان المسلمين حيث اجتمع سفراء أمريكا وبريطانيا وفرنسا في فايد في شهر نوفمبر من عام 1948م وقرروا إلزام الحكومة المصرية بقيادة النقراشي باشا بحل جماعة الإخوان المسلمين والعمل على القضاء عليها وهو ما تحقق بقراره العسكري يوم 8 ديسمبر 1948م.

ولم يتوقف المخطط على ذلك بل ذكر مايلز كوبلاند في كتاب لعبة الأمم، والذي قام بترجمة مروان خير، ونشر في بيروت عام 1970م ما سعت إليه الدول الغربية لاستكمال منهجية القضاء على الإخوان حيث قال: إن هاجس قيام ثورة شعبية في مصر يقودها الإخوان المسلمون دفع بوزارة الخارجية الأمريكية إلى تبني فكرة قيام انقلاب عسكري يفوت الفرصة على الإخوان المسلمين لتزعم ثورة شعبية تدفع بهم إلى زعامة مصر وأن وزارة الخارجية الأمريكية شكلت في نهاية عام 1951م لجنة خبراء سرية لدراسة العالم العربي مع التركيز بشكل خاص على " الحالة المصرية " برئاسة أحد كبار مخططي المخابرات الأمريكية في وزارة الخارجية الأمريكية المستر " كيرميت روزفلت.

وأن الحكومة الأمريكية أرسلت إلى مصر أحد كبار المتخصصين في ما يسمي بالدعاية السوداء (أى التشهير بالخصوم) واسمه "بول لايبرجر" لتدريب الإعلاميين المصريين على أساليب الدعاية التشهيرية ضد جماعة الإخوان المسلمين.

خاصة بعدما ظهرت قوة الإخوان في حرب فلسطين ثم حرب القنال عام 1951م حيث استشعر الإنجليز الخطر من جراء العمليات الفدائية التي يقوم بها شباب الإخوان، فكتب الكاتب الإنجليزي "توم ليتل" في كتابه مصر الحديثة الصادر عن دار ارنست بن للنشر في لندن عام 1967م في طبعته الأولى قوله: إنَّ كلَّ الحركاتِ النشطة والعاملة في مصر بما فيها حزب الوفد اشتركت في العملياتِ الهجومية ضد قوات الجيش البريطاني المرابطة في قناة السويس, ولكن المصدر الذي انبعثت منه استراتيجية حرب العصابات ضد الإنجليز, وإثارة الشغب ضدهم، تتمثل في جماعة الإخوان المسلمين المتوغلة في تطرفها الوطني.

لم يخف الكتاب والباحثين والسياسيين الصهاينة مدى خوفهم من الحراك الإسلامي والذي يقوده الإخوان على مستقبل دولتهم ولذا ظلوا يعملون على قدم وساق من أجل القضاء عليهم، ففي شهادة اليهودي موشيه شارون في ندوة نظمها معهد شيلواح في جامعة تل أبيب في كانون الثاني/ يناير عام 1979 قال: "إن الجهود التي بُذلت منذ أكثر من نصف قرن بواسطة علماء الدين المسلمين، من أمثال مفتي فلسطين الأسبق الشيخ الحسيني، والشيخ حسن البنا في مصر، وغيرهما من علماء المسلمين، والتي مازالت حتى الآن كان لها تأثير كبير في كسب العالم الإسلامي إلى جانب العرب الفلسطينيين باسم الإسلام، وباسم حماية الأماكن المقدسة الإسلامية".

وقي كتاب (الحركة الإسلامية وقضية فلسطين- صـ 165) ذكر مؤلفه شهادة اليهودي دوف جوزيف - رئيس بلدية القدس - في مذكراته عن معارك القدس والتي اعترف فيها أن وجود الإخوان المسلمين في جنوب القدس كان مصدر قلق وإزعاج دائمين للقيادة اليهودية العامة.

كما جاء في شهادة الضابط الكندي الكابتن ج.ب.هاردي قوله: "لا جدال في أن متطوعي الإخوان في هذه الحرب كانوا بفضل نظامهم وتدريبهم بين النجاحات البارزة للقوات العسكرية المصرية".

إن جماعة الإخوان المسلمين لم تنشأ في مصر من فراغ، ولم تكن تعبيرًا عن انقطاع في مسيرة الأمة الإسلامية، بقدر ما كانت تواصلاً من ماضي الإسلام المجيد الذي جاء به محمد – صلى الله عليه وسلم – ولهذا اعتبرهم الصهاينة وكثير من حكام المسلمين أعداء لحلم الصهاينة الذي يريدون أن يجعلوه حقيقة على حساب الشعب الفلسطيني، والتي يقدم من أجل تحقيقه في صفقة القرن – ليس الصهاينة فحسب – بل الكثير من عملاء الصهاينة في دوائر الحكم العربية طمعا في ميراث العروش التي يجلسون عليها.

بل أن الإخوان تصدوا لتصرفات الوزير أحمد ماهر باشا حينما كانت تتعارض مع شعائر الإسلام.

فعندما قام أحمد ماهر -وزير المالية في ذلك الوقت - باصطحاب النائب العام وسفير بريطانيا للمقامرة في سباقات الخيل؛ حيث كان الوزير مقامرًا كبيرًا تجري الخيول في السباق باسمه، كما كان عضوًا في لجنة تحكيم السباقات، عاب عليه الإخوان ذلك، كما عابوا عليه استمراره في المقامرة بعد تولي الوزارة[جريدة الإخوان المسلمين: العددان الثامن والحادي عشر، السنة الأولى، 30جمادى الأولى 1357ﻫ، 12جمادى الآخرة 1357ﻫ/ 18يوليو 1938م.]

كما تعرض أحمد ماهر وهو وزير للمالية لانتقاد شديد من الإخوان حين حدد ميعاد المقابلة الشخصية لامتحان لشغل إحدى الوظائف في وزارة المالية في يوم الجمعة بل ووقت صلاتها، وحين تكلم أحد الممتحنين معه وهو الأخ طاهر عبد المحسن في ذلك تهكم عليه وسخر منه وأنبأه أنه سيقوم بنفسه بامتحان المتقدمين[مجلة النذير، العدد (28)، السنة الأولى، 20شوال 1357ﻫ/ 13ديسمبر 1938م، صـ7-8. الإخوان المسلمون أحداث صنعت التاريخ، (1/272)]

وقد يرجع استهتار ذلك الوزير بالدين وتعاليمه إلى انضمامه المبكر للمحافل الماسونية، وتقلده للمناصب الرفيعة فيها؛ فقد أصبح أستاذًا أعظم للشرق الأكبر منذ بداية عام 1938م[مجلة المنصورة، العدد (6095)، السنة الثالثة عشر، 29ذو القعدة 1356ﻫ/ 31يناير 1938م، صـ2]

ويقول المهندس محمد الصروي: ولقد تتبعت قليلا موقف مصطفى النحاس .. فلم أجد له اسمه في أندية الروتارى أو الأندية الماسونية وكذلك لم أجد اسمه في أندية الليونز أو أشباهها بعكس الزعيم أحمد ماهر ( رئيس الوزراء الأسبق في الأربعينات ) وصاحب ضريح أحمد ماهر المشهور بالعباسية .. الذي كان قد تدرج في الماسونية حتى صار بأعلى درجة من درجاتها " القطب الأعظم[محمد الصروي: الصحوة والزلزال، دار التوزيع والنشر الإسلامية].

كما كتب مصطفى الرفاعي اللبان سلسلةَ مقالات في جريدة الإخوان المسلمين، تحت عنوان: "خطر اليهود في مصر" كشف فيها عن مدى السيطرة اليهودية على مختلف جوانب الحياة الاقتصادية المصرية، وتغلغلها في جميع الأنشطة المالية، وسيطرتها على البنوك والمصارف، وعن المنظمات الماسونية وجذورها وأهدافها الصهيونية، وعن الشيوعية ومدى علاقتها وارتباطها بالصهيونية.

أخيرا

يبدو جليا أن هذه الاتهامات لاسند واقعي أو دليل مادي عليها، خاصة أن تاريخ الإخوان حافل بمواجهة الماسونية والحركة الصهيونية حتى تعرضت لها الجماعة للحل مرات عدة لاعتراضها على الممارسات الصهيونية وعملائهم من حكام العرب.

ولم يقدم أي باحث أو كاتب أو صحفي دليلا واحدا سوى كلام مرسل لا يرتقى لتكون ادلة على اتهام جماعة بهذا الحجم.

جاءت جميع الاتهامات من باحثين مصريين وإماراتيين وسعوديين بعد وقوع الانقلاب العسكري على الرئيس محمد مرسي وهو ما يؤكد الخصومة السياسية في الاتهامات، حتى أننا بحثنا في الوثائق والكتابات الأجنبية لم نجد باحث او وثيقة تربط بين الإخوان والماسونية.